نبذة عن مكة المكرمة
مهوى أفئدة أكثر من ألف مليون مسلم في شتى أرجاء الأرض ..
مهبط الوحي وموقع المسجد الحرام المبارك ، وكعبته المشرفة ..
مقصد ملايين الحجاج والمعتمرين والزائرين ..
أطهر بقعة على وجه الأرض ..
يرجع بناء مكة المكرمة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام وابنه إسماعيل،و قد خصها الله تعالى في كتابه العزيز بالتكريم، وذكرها بأسماء عديدة بلغت أحد عشر اسماً، ومن هذه الأسماء : مكة ، وبكة، والبلد الآمن، والبلد الأمين، والحرم الآمن، وأم القرى، كما أشار إليها في مواقع عديدة بأسماء أخرى، وأقسم بها، وأعطاها ما لم تحظ به أية مدينة في الدنيا.
وشاء جلت قدرته، أن تكون الكعبة المشرفة، والمسجد الحرام فيها، فكانت لهذه المشيئة آثارها ونتائجها من حيث بناء مكة، وتعميرها، وسكانها.
وفي ظاهر مكة نزل الوحي الإلهي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بأول سور القرآن الكريم، وتوالى الوحي بعد ذلك حتى عرفت بعض آيات القرآن الكريم بالمكية، وهي التي نزلت في مكة المكرمة، والمدنية ، وهي التي نزلت في المدينة المنورة.
وفي أرض مكة وبطاحها، كان جهاد المسلمين الأوائل في مواجهة الشرك والضلال وعبادة الأصنام، وفيها كان نصر الله لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، يوم دخلوها في العام الثامن للهجرة ظافرين منتصرين، فانتهت دولة الشرك ورفع فيها اسم الله وحده، وحطمت الأصنام، وطُهّر البيت، وباتت مكة آمنة، طاهرة، وإلى كعبتها المشرفة يتجه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها في صلواتهم خمس مرات في اليوم، وبالطواف حولها يبدؤون حجهم، وبه ينهونه.
إن قصة بناء مكة والمسجد الحرام والكعبة المشرفة معروفة ومشهورة، والأحداث التي مرت بها منذ أيام إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام معروفة كذلك، وليس هنا مجال إيرادها، وإنما نبدأ في التعريف بمكة المكرمة، منذ أن أنشئت المملكة العربية السعودية، وأولتها من العناية الجانب الأكبر.
الموقع:
تقع مكة المكرمة عند تقاطع درجتي العرض 25/21 شمالاً، والطول 49/39 شمالاً، ويعتبر هذا الموقع من أصعب التكوينات الجيولوجية؛ فأغلب صخورها جرانيتية شديدة الصلابة، ويصل ارتفاعها عن سطح البحر إلى أكثر من ثلاثمائة متر.
ويحتضن مكة وادي إبراهيم الخليل الذي ينحصر بين سلسلتي جبال متقاربة من جهات الشرق والغرب والجنوب، فالسلسلة الشمالية تتألف من جبل ( الفلق ) وجبل (قعيقعان)، والسلسلة الجنوبية تتألف من جبل ( أبي حديدة )غرباً، ثم جبل ( كدى ) باتجاه الجنوب، ثم جبل ( أبي قبيس ) في الجنوب الشرقي، ثم جبل ( خندمة ).
ولمكة المكرمة ثلاثة مداخل رئيسية هي : ( المعلاة ) وتعرف باسم: ( الحجون )، و(المسفلة)، و ( الشبيكة ).
وقد تعارف الناس على أن ( المعلاة ) هي كل ما ارتفع عن مستوى أرض المسجد الحرام و ( المسفلة ) هي كل ما كان دونه.
وترتفع مكة المكرمة عن سطح البحر (330) متراً، وتتجاوز مساحتها ( 4800) هكتار، ويزيد عدد سكانها عن الـ (600.000) نسمة يتضاعفون في أيام المواسم وبالذات في موسم الحج، وتخدم مكة المكرمة شبكات من الطرق والأنفاق المتطورة التي تصل بين أطرافها والمسجد الحرام في قلبها، وطريق دائري، ويصلها كلها بالمشاعر المقدسة بأنفاق وجسور وطريق خاص بالمشاة مظلل ومهيأ بكافة الخدمات.
وفي مكة المكرمة خدمات صحية متطورة، وشبكة هاتفية تصلها بجميع أنحاء العالم، وتربطها بالمشاعر المقدسة وبالعالم أيضاً، إضافة إلى كل الخدمات الحضارية التي تتضاعف خلال مواسم الحج.
جغرافية ومناخ مكة المكرمة
الموقع الفلكي:
تقع مكة المكرمة على درجة عرض 91ً ، 52َ ، 12ْ شمالاً، وعلى درجة طول 46 ، 49 ، 39 شرقاً.
التركيب الجيولوجي:
تكونت منطقة مكة المكرمة عموماً بما فيها مكة المكرمة ضمن تشكيلات الدرع العربي المكون من الصخور القديمة والتي تمثلها معظم جبال مكة المكرمة.
أما الأودية فتغطيها ترسبات الحصى والرمل، ومعظم هذه الأودية التي تتشكل منها مكة المكرمة تتبع في تكوينها حركات الصدوع والانكسارات التي مرت بالدرع العربي خلال الأزمنة الجيولوجية القديمة.
تضاريس مكة المكرمة:
تتميز مكة المكرمة باختلاف تضاريسها، حيث تتناثر التلال والجبال التي اتخذ من سفوحها أهالي مكة المكرمة مناطق عمرانية لمساكنهم.
ويبلغ ارتفاع مكة المكرمة ما بين 250 متراً إلى 350 متراً فوق سطح البحر من الغرب إلى الشرق، بما في ذلك المشاعر المقدسة.
ويمكن تقسيم تضاريس مكة المكرمة إلى ثلاثة أقسام تمتد من الشمال إلى الجنوب :
القسم الغربي: ويتراوح ارتفاعه ما بين 200 إلى 250 متراً، وترتفع فيه بعض قمم الجبال وتصل إلى 400 متر فوق سطح البحر.
القسم الأوسط: ويتراوح فوق 300 متر وتبرز فيه عدد من الجبال التاريخية، منها: جبل خندمة ، الذي يصل ارتفاعه إلى 420 متراً، وجبل أبي قبيس الذي يصل ارتفاعه إلى 372 متراً، وجبل ثور الذي ترتفع قمته إلى 759 متراً فوق سطح البحر، وجبل قعيقعان الذي ترتفع قمته إلى 427 متراً.
القسم الشرقي: يتميز بارتفاعه الذي يزيد عن 400 متر فوق سطح البحر وبه قمم جبلية يزيد ارتفاعها عن 800 متر مثل جبل الطارقي الواقع في شرق مشعر منى، والذي تبلغ قمته ارتفاع 900 متر، وهو أعلى قمة في جبال مكة المكرمة والمشاعر المقدسة.
الحرارة:
سجلت مكة المكرمة أعلى معدلات درجات الحرارة العظمى بين محطات شبكات الأرصاد، ويعتبر المعدل السنوي من أكبر المعدلات في العالم.
إذ سجلت المناطق الاستوائية نحو 27ْم، في حين سجل المعدل السنوي لمكة المكرمة (29.9ْم)، وهذا الارتفاع الحراري جاء نتيجة بُعدِها عن المسطحات المائية الكبيرة، وفي الوقت الذي تختلف فيه درجات الحرارة في مكة المكرمة لاختلاف مناطقها وارتفاعاتها تجد في الوقت نفسه بطء في حركة الهواء؛ وذلك لإحاطة جبال السروات بها، ولوقوعها في المنطقة الجبلية الانتقالية الدافعة بين السلسلة الجبلية والسهل الساحلي للبحر الأحمر، وبشكل عام فإنها شديدة الحرارة صيفاً، دافئةً شتاءً.
ويمكن القول: إن درجات الحرارة في مكة المكرمة على الشكل الآتي:
في الصيف تتجاوز 48ْم .. في الشتاء تنخفض إلى 18ْم.
المعدل السنوي من 29.9ْم – 31ْم.
الرياح:
إن متغيرات مراكز الضغط الجوي من أهم العوامل المؤثرة في اتجاه الرياح التي تهب على مكة المكرمة. فإذا أضفنا إليها موقع مكة المكرمة، وتشكيل تضاريسها فإن ذلك يلعب دوراً رئيسياًّ وهاماً في اتجاهات الرياح، وأوضحت الدراسات التي أجريت أن هبوب الرياح على مكة المكرمة يأتي من الشمال، والشمال الغربي، والجنوب الغربي.
وقد بلغت متوسطات سرعة الرياح في مكة المكرمة كالآتي :
أقل سرعة 3 عقدات أي ( 5.6 كيلاً في الساعة ).
أعلى سرعة 36 عقدة أي ( 66.7 كيلاً في الساعة ).
غير أن الجدير بالملاحظة أن السرعة القصوى المذكورة لم تسجل إلا على فترات متباعدة من السنوات، أما المتوسط العادي في معظم الأوقات فهو يتراوح من 4 إلى 4.5 عقدة في الساعة أي ما بين ( 7.4 كيلاً – إلى 8.5 كيلاً في الساعة ) أما معظمها فكان يقل عن 30 عقدة في الساعة، وعموماً فإن رياح مكة المكرمة هي :
شمالية غربية – جافة صيفاً رطبة، ممطرة شتاءً.
شمالية شرقية – حارة جافة صيفاً، ودافئة شتاءً.
جنوبية غربية – رياح موسمية ممطرة.
الأمطار:
مكة المكرمة أمطارها نادرة أو قليلة وتكون غالباً ناتجة عن الرياح الشمالية الغربية، أو الجنوبية الغربية الموسمية الممطرة،غير أن هطولها أحياناً بغزارة يتسبب على فترات زمنية في حدوث كوارث طبيعية في أم القرى خلال سنوات طويلة، وقد جرفت في السابق كل ما اعترضها، ودخلت المسجد الحرام مرات عديدة، ولعل من أشهرها: سيل أم نهشل الذي جرف المقام وأوصله إلى منطقة المسفلة في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب في رمضان سنة 17 هجرية، عموماً فإن معدل الأمطار الساقطة على مكة المكرمة يتراوح ما بين 25 مم – إلى – 80 مم.
الرطوبة:
ترتبط الرطوبة ارتباطاً عكسياً مع الحرارة؛ ولذلك فإن المعدل العام للرطوبة في مكة المكرمة معدل منخفض نتيجة الطبيعة الصحراوية الجافة، ومن خلال المعدلات التي أجريت في مكة المكرمة حسب المعايير المناخية نجد أن أعلى نسبة رطوبة سجلت في مكة المكرمة هي 57%، كما سجلت الدرجة الصغرى نسبة 32%.